الملائكة لا تظهر في أوروبا

السلام عليكم

عاد بعد سنوات قضاها في تحصيل العلم بإحدى جامعات أوروبا ، فنال إعجاب الكثيرين من حوله لذكائه واجتهاده وحصوله على شهادة جامعية من الخارج.
التف الجميع حوله يستمعون حكاياه وذكرياته في سنواته تلك التي قضاها هناك .
ولا يفتأ بين الحين والآخر يبرز إعجابه الشديد بالتقدم الحضاري الذي رآه وبنظام حياة الناس...
وبكل شئ ... مما أثار لدينا ولعاً بمشاهدة تلك البلاد ومعايشة أهلها...
مضت أيام ثم التقيتُ به خارجا من المسجد بعد صلاة الجمعة وبمجرد مصافحته لمحتُ علامات ضيق وضجر على وجهه.فسرنا معاً حتى انصرف عنا الجمع وحاولتُ ان أتسلل في هدوء إلى داخله لمعرفة أسباب ضيقه . فقال :
- أسمعتَ خطبة الجمعة جيدا ؟
- نعم
-فما رأيك في موضوعها ، حديث الجن وعالمه؟

ضايقني أن يضيع الخطيب وقته وأوقات المصلين ليحدثهم عن أشياء كهذه لا تقدم ولا تؤخر ، والضرر منها أكثر من الفائدة حين نشغل عقول الناس بمثل هذه الأمور التي لا يعترف بها العلم ولا يقرها العقل ...

- أي علم وأي عقل تعني ؟

- العلم الذي تلقيناه هناك والذي لم يدعُ مجالاً إلا خاضه ولا مسألة إلا قتلها بحثاً ودرساً... العلم بكشوفه ومخترعاته التي يسرت للإنسان صعود القمر وغزو الفضاء وصناعة الأسلحة التي يمكن أن تبيد الأرض في إغماضة عين والذي رفع أمماً إلى السماء وحطّ أخرى إلى الأرض ..
- وهل درستم شيئاً عن الجن في مختبراتكم ، أو قرأتم نظريات علماء الغرب في هذه المسألة ؟

- لا وقت لديهم يصرفونه في هذه الأمور ولا داعي لذلك .

- إن هذه مسائل عقدية لا دخل للقوم بها فعلا . فقد شغلتهم التجارب والمختبرات والنظريات والبحوث عن ذلك . أما نحن فلسنا منهم وليسوا منا . وذلك شئ يخصنا نحن ويتصل بديننا فقط . لا تجدي فيه المختبرات و لا نظريات . فهو يأتي من مصدر لا يعترفون به .

- أفهم من ذلك رضاك بما قاله خطيب المسجد تماما ؟

- لأنه لم يجئ بشئ من عنده وإنما تلا آيات قرآنية وأحاديث شريفة .

وقد التقى النبي صلى الله عليه وسلم نفراً منهم وأسمعهم القرآن الكريم فمنهم من آمن ومنهم من كفر . ومنهم الصالحون دون ذلك .

وقد حجبهم الله عنا فبصرنا محدود له طاقات لا يتعداها .وعقولنا لها مجالات لا تتجاوز لذا اخبرنا القرآن الكريم بأنهم يروننا من حيث لا نراهم ... لم يبدِ اهتماما بكلامي ولكن كان يهز رأسه أحياناً دون أن ينطق بحرف . فسكتتُ منتظراً كلمة منه تدعوني إلى السير في هذه الحجج إن كان ثمة أمل في إقناعه . أو تحثني على السكوت ما دام كل منا مصراّ على موقفه .

فقال :
- ما زلتم كما انتم تسمعون وتؤمنون كما سمع آباؤكم وآمنوا مهما أوتي أحدكم من علم ، من أجل ذلك تأخرنا وتقدم غيرنا لأننا ظللنا أسرى هذه الأفكار والتقاليد الموروثة لا نملك تغييرها .

رأيتُ أننا متناقضان في أفكارنا ويزيد من ثقته بنفسه أنه حصل على دراسته العلمية في أوروبا بلاد الحضارة والتقدم مما غرس في نفسه ألا يؤمن بما يراه ويخضع للتجربة والمختبرات.

فالهوة بيننا عميقة عمق البحار ، بعيدة بعد ما بين المشرقين. ولم أشأ أن أستمر في النقاش معه أطول من ذلك فودعته وتركتُ المناقشة لحين آخر .

أما هو فقد بقي خاليا .حائرا بين اليقين والشك ،،، بين ما يقوله الدين وما يقره العلم ، بين الحقيقة والأباطيل ، كان أشبه برجل مشدود بين خيطين . كلاهما يشده لناحيته وعقله يغلي ويميل ناحية العلم فترجع كفته . ولكن ما يقوله الدين يقف حائلا دون يقينه المطلق بما يقوله العلم ويقره . وعلى لسانه تساؤلات كثيرة خفية ...

بارك الله فيك اخ فادي فعلاً قصة فيها ما فيها من مسائل

المسلم يؤمن بالغيبيات التي ذكرت بالقرآن دون أن يترك مجالاً لعقله ليفكر بها

لان العقل البشري محدود ولا يستطيع استيعاب أمور غيبية مثل

الجن ويوم الآخرة وعذاب القبر والملائكة والجنة والنار


ألف شكر لك فادي